صفات الجلال والجمال ﴿في قلوبكم خيراً﴾ أي شيئاً من تقواه الحاملة على الإيمان الذي هو رأس الخير وعلى كل خير ﴿يؤتكم خيراً مما أخذ منكم﴾ أي مما يفتح به عليكم من المغانم في الدنيا ويدخره لكم من الثواب في الأخرى ﴿ويغفر لكم﴾ أي ما سلف من ذنوبكم ﴿والله﴾ أي الذي بيده كل شيء ﴿غفور رحيم﴾ أي من شأنه ذلك، والمعنى على ما علم من قصة العباس الآتيه رضي الله عنه أنه سبحانه يعاملكم وأمثالكم في غير ما يأخذه منكم جنده بالكرم، وأما إنه يحكم بإسقاط الفداء عنكم ويأمرهم بتركه وإطلاقكم مجاناً بما يعلم في قلوبكم من خير وإيمان كنتم تكتمونه فلا تطمعوا فيه لأن ذلك يفتح باب الدعاوى الباطلة المانعة من الغنائم الموهنة للدين؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في سيرته: قال ابن عباس وسعيد بن المسيب:
«كان
العباس
رضي
الله
عنه
في الأسرى فقال له رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: افد نفسك وابني أخيك عقيلاً ونوفلاً وخليتك فإنك ذو مال، فقال: يارسول الله! إني كنت مسلماً ولكن القوم استكرهوني، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الله أعلم بإسلامك، إن كان حقاً ما تقول فالله يجزيك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، قال: ليس لي مال، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأين المال الذي وضعت عند أم الفضل حين خرجت وليس معك أحد؟


الصفحة التالية
Icon