التي منها أحوالهم ﴿حكيم*﴾ أي بالغ الحكمة فهو يتيقن كل ما يريده فهو يوهن كيدهم ويتقن ما يقابلهم به فيلحقهم لا محالة، وكذا فعل سبحانه في أبي عزة الجمحي فإنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المن عليه بغير شيء لفقره وعياله وعاهده على أن لا يظاهر عليه أحداً ومدحه ثم خان فظهر به في غزوة حمراء الأسد عقب يوم أحد أسيراً، فاعتذر له وسأله في العفو عنه فقال: ألا تمسح عارضيك بمكة وتقول: سخرت بمحمد مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، وأمر به فضربت عنقه، وقال أبو حيان في الخيانه: هي كونهم اظهر بعضهم الإسلام ثم رجعوا إلى دينهم.
ولما بين للأسرى أن الخير الذي لم يطلع عليه من قلوبهم غير الله لا ينفعهم في إسقاط الفداء عنهم لأنه لا دليل عليه، وكل ما لا دليل عليه فحكمه حكم العدم، لأن مبنى الشرع على ما يمكن المكلف معرفته وهو الظواهر، وختم بصفتي العلم والحكمة، شرع يبين الخبر الذي يفيد القرب الذي تنبني عليه المناصرة وكل خير، فقال مقسماً أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة أقسام: قسم جمع الإيمان والهجرة أولاً والجهاد، وقسم آوى، وقسم آمن ولم يهاجر، وقسم هاجر من بعد: ﴿إن الذين آمنوا﴾ أي بالله ورسوله ﴿وهاجروا﴾ أي واقعوا الهجرة


الصفحة التالية
Icon