بسبب أمر من أموره وهم متمكنون من الدين تمكن المظروف من الظرف ﴿فعليكم النصر﴾ أي واجب عليكم أن تنصروهم على المشركين، فالمعنى أنه ليس لهم عليكم حق القريب إلا في الاستنصار في الدين، فإن ترك نصرهم يجر إلى مفسدة كما أن موالاتهم تجر إلى مفاسد؛ ثم استثنى من الوجوب فقال: ﴿إلا على قوم﴾ وقع وكان ﴿بينكم وبينهم ميثاق﴾ أي لأن استنصارهم يوقع بين مفسدتين: ترك نصرة المؤمن ونقض العهد وهو أعظمهما فقدمت مراعاته وتركت نصرتهم، فإن نصرهم الله على الكفار فهو المراد من غير أن تدنسوا بنقض، وإن نصر الكفار حصل لمن قتل من إخوانكم الشهادة ولمن بقي الضمان بالكفاية، وكان ذلك داعياً لهم إلى الهجرة، ومن ارتد منهم أبعده الله ولن يضر إلا نفسه والله غنى حميد، فقد وقع - كما ترى - تقسيم المؤمنين إلى ثلاثة أقسام: أعلاها المهاجر، ويليه الناصر، وأدناها القاعد القاصر، وبقي قسم رابع ياتي؛ قال أبو حيان: فبدأ بالمهاجرين - أي الأولين - لأنهم أصل الإسلام وأول من استجاب لله تعالى، فهاجر قوم إلى المدنية، وقوم إلى الحبشة، وقوم إلى ابن ذي يزن، ثم هاجروا إلى المدينة وكانوا قدوة لغيرهم في الإيمان وسبب تقوية الدين «من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامه» وثنى بالأنصار لأنهم ساووهم


الصفحة التالية
Icon