نفس العهد وتارة في التأخر عن الأمر بالحلق، ثم تابعوا في كل منهما، وكان الكفار بمحل البعد عن كل خير، أشار إلى ذلك بأداة الغاية، وجعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الله إشارة إلى أنه لا يخالفه أصلاً، وأسندت المعاهدة إليهم إشارة إلى ذلك التوقف تحذيراً من أن يقع مثله، فقال مخبراً عن النبذ الموصوف: ﴿إلى الذين عاهدتم﴾ أي أوقعتم العهد بينكم وبينهم ﴿من المشركين*﴾ أي وإن كانت معاهدتكم لهم إنما كانت بإذن من الله ورسوله، فكما فعلتم المعاهدة بإذنهما فافعلوا النقض تبعاً لهما، ودل سياق الكلام وما حواه من بديع الانتظام أن العهد إنما هو لأجل المؤمنين، وأما الله ورسوله فغنيان عن ذلك، أما الله فبالغنى المطلق، وأما الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبالذي اختاره للرسالة لأنه ما فعل ذلك به إلا وهو قادر على نصره بسبب وبغير سبب، وعلم أن ذلك فيمن نقض أو قارب من قوله بعد ﴿إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً﴾ - الآية؛ قال البغوي: لما خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى تبوك كان المنافقون يرجفون الأراجيف، وجعل المشركون ينقضون عهوداً كانت بينهم وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر الله بنقض عهودهم وذلك قوله تعالى ﴿وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم﴾ [الأنفال: ٥٨] انتهى. وذكر ذلك ابن إسحاق وغيره، ولعله أطلق هنا ولم يقيد ممن خيف