أي لأن له صفات الكمال من الجلال والجمال، والالتفات هنا مثله في ﴿فسيحوا﴾ والإشارة به إلى ما ذكر في ذلك.
ولما واجههم بالتهديد، أعرض عنهم وجه الخطاب تحقيراً لهم مخاطباً لأعلى خلقه مبشراً له في أسلوب التهكم بهم، فقال عاطفاً على ما تقديره: فبشر الغادرين بالخدلان، أو فبشر التائبين بنعيم مقيم: ﴿وبشر الذين كفروا﴾ أي أوقعوا هذا الوصف ﴿بعذاب أليم*﴾ أي في الدنيا والآخرة أو فيهما.
ولما أعلمهم بالبراءة وبالوقت الذي يؤذن بها فيه، وكان معنى البراءة منهم أنه لا عهد لهم، استثنى بعض المعاهدين فقال: ﴿إلا الذين عاهدتم﴾ أي أوقعتم بينكم وبينهم عهداً ﴿من المشركين ثم﴾ أي بعد طول المدة اتصفوا بأنهم ﴿لم ينقصوكم شيئاً﴾ أي من الأمارات الدالة على الوفاء في أنفسهم كما نقض بنو الديل من بني بكر في قتالهم لخزاعة حلفاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ولم يظاهروا﴾ أي يعاونوا معاونة تظهر ﴿عليكم أحداً﴾ أي من أعدائكم كما ظاهرت قريش حلفاءهم من بني الدليل على حلفائكم من خزاعة ﴿فأتموا﴾ واشار إلى بعدهم عن الخير بحرف الغاية فقال: ﴿إليهم عهدهم إلى مدتهم﴾ أي وإن طالت؛ قال البغوي: وهم بنو ضمرة


الصفحة التالية
Icon