ما بينهم وبين الخالق وما بينهم وبين الخلائق خضوعاً لله تعالى وتركاً للفساد ومباشرة للصلاح على الوجه الذي أمر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا وجد هذان الشاهدان العدلان ﴿فخلوا﴾ أي بسبب ذلك ﴿سبيلهم﴾ أي بأن لا تعرضوا لشيء مما تقدم لأن الله يقبل ذلك منهم ويغفر لهم ما سلف ﴿إن﴾ أي لأن ﴿الله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام ﴿غفور رحيم*﴾ أي بليغ المحو للذنوب التي تاب صاحبها عنها والاتباع له بالإكرام.
ولما سد عليهم طريق مخالطتهم ما لم يتصفوا بالتوبة المدلول عليها بالشهيدين المذكورين سداً مطلقاً، وفتحه عند الاتصاف بها فتحاً مطلقاً، عطف على ذلك طريقاً آخر وسطاً مقيداً فقال: ﴿وإن أحد من المشركين﴾ أي الذين أمرناكم بقتالهم ﴿استجارك﴾ أي طلب أن تعامله في الإكرام معاملة الجار بعد انقضاء مدة السياحة ﴿فأجره﴾ أي فآمنه ودافع عنه من يقصده بسوء ﴿حتى يسمع كلام الله﴾ أي الملك الأعظم بسماع التلاوة الدالة عليه، فيعلم بذلك ما يدعو إليه من المحاسن ويتحقق أنه ليس كلام الخلق. ولما ذكر إجارته، وكان له بعدها توبة وإصرار. وكان حال التائب قد ذكر، بين ما يفعل به إن أصر فقال: ﴿ثم أبلغه﴾ أي إن أراد الانصراف ولم يسلم ﴿مأمنه﴾ أي الموضع الذي يأمن فيه ثم قاتله بعد بلوغه المأمن إن شئت من غير