غدر ولا خيانه؛ قال الحسن: هي محكمة إلى يوم القيامة؛ ثم علل ذلك بما يبين غدرهم بقوله: ﴿ذلك بأنهم﴾ أي الأمر بالإجارة للغرض المذكور بسبب أنهم ﴿قوم لا يعلمون*﴾ أي لا علم لهم لأنه لا عهد لهم بنبوة ولا رسالة ولا كتاب، فإذا علموا أوشك أن ينفعهم العلم.
ولما كان الأمر بالنبذ مظنة لأن يعجب منه، عجب فقال: فمن يتعجب منه؟ وأنكر عليه فقال: ﴿كيف يكون للمشركين﴾ أي أهل العراقة في الشرك الذين توجب عراقتهم فيه ومحبتهم لظهوره نكثَ العهد الذي لا أقبح منه عند العرب ولا أشنع ﴿عهد عند الله﴾ أي المستجمع لصفات الكمال، فهو لا يحب النقض من أوليائه فكيف به من أعدائه ﴿وعند رسوله﴾ أي الذي هو أكمل الخلق وأوفاهم وأحفظهم للعهود وأرعاهم فهم أضداده فأعمالهم أضداد أعماله، وقد بدا منهم الغدر.
ولما كان استفهام الإنكار في معنى النفي، صح الاستثناء منه، فكأنه قيل: لا يكون للمشركين عهد ﴿إلا الذين عاهدتم﴾ أي منهم كما تقدم ﴿عند المسجد الحرام﴾ أي الحرم يوم الحديبية، وهذا مما يدل على أن الاستثناء المتقدم من ﴿الذين﴾ في قوله {براءة من الله


الصفحة التالية
Icon