فبعث معهم نفراً ستة - وقال البخاري: عشرة - وأمر عليهم عاصم بن ثابت فخرج معهم، حتى إذا كانوا بالرجيع ماء لهذيل غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلاً، فلما أتوهم أخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا: إنا والله لا نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئاً من أهل مكة، ولكن عهد الله وميثاقه أن لا نقتل منكم أحداً، فأما عاصم فلم يقبل وقاتل حتى قتل هو ناس من أصحابه، ونزل منهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال رجل منهم: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة - يريد القتلى، فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه؛ فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة فقتلوهما.
وقصة العرنيين الذين قدموا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأظهروا الإسلام ثم خرجوا إلى لقاح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقتلوا الراعي واستاقوا اللقاح بعد ما رأوا من الآيات، فبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آثارهم فقتلهم؛ وفي تاريخ ابن الفرات عن القتبي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عبد الله بن عوسجة البجلي إلى بني حارثة بن عمرو بن قرط بكتاب فرقعوا دلوهم بالكتاب فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما لهم! أذهب الله عقولهم، فهم أهل رعدة وكلام مختلط؛ ولما خرج أهل مكة بعد أن عاملهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغاية