أمرهم في هذه الآيات تفصيلاً، عطف عليه قوله: ﴿ونفصل﴾ أي في كل أمر يحتاجون جميع ﴿الآيات﴾ وعظم هذه الآيات وحثم على تدبرها بقوله: ﴿لقوم يعلمون*﴾ أي صار العلم لهم صفة فلهم ملكة يتصرفون بها في أصوله وفروعه، لا يغترون بمجرد كلام من شأنه الرداءة والمخالفة بين القول والعمل، والاعتراض بهذا بين هذه الجمل المتلاحمة إشارة إلى عظم الأمر الذي نبه عليه وتحريض على إنعام النظر فيه ليعلم أن مدخوله جليل الأمر عظيم القدر لئلا يظن أنه تكرار.
ولما بين السبب الموجب لمجازاتهم بجنس عملهم، وهو البراءة منهم وما يتبع ذلك إلى أن ختم بتقدير توبتهم، رجع إلى قسيم قوله ﴿فما استقاموا لكم﴾ فقال: ﴿وإن نكثوا أيمانهم﴾ أي التي حلفوها لكم؛ ولما كان النقض ضاراً وإن قصر زمنه، أتى بالجار فقال: ﴿من بعد عهدهم﴾ أي الذي عقدوه ﴿وطعنوا﴾ أي أوقعوا الطعن ﴿في دينكم﴾ أي بقول أو فعل.
ولما كان هذا الفعل لا يستقل به في الأغلب إلا الرؤساء، أشار إلى ذلك بقوله: ﴿فقاتلوا﴾ ووضع موضع ضميرهم تحريضاً على قتالهم وإشارة إلى أنهم ما نكثوا وأقدموا على هجنة الكذب ولم يستهجنوا الخروج عن عادات الكرام إلا وقد رسخوا في الكفر فقال: ﴿أئمة الكفر﴾ ثم أشار - بقوله معللاً لجواز المقاتله: ﴿إنهم لا أيمان لهم﴾ إلى أن