أي بجعلهم الكفر مكان الإيمان.
ولما نفى عنهم أهلية العمارة، بين من يصلح لها فقال ﴿إنما يعمر مساجد الله﴾ أي إنما يؤهل لذلك القرب ممن له الأسماء الحسنى والصفات العلى حساً بإصلاح الذات ومعنى بالتعظيم بالقربات من قمها وتنظيفها ورمّ ما تهدم وتنويرها بالمصابيح الحسية وبالمعنوية من الذكر والقراءة - ودرس العلم أجلّ ذلك - وصيانتها مما لم تبن له من أحاديث الدنيا ﴿من آمن بالله﴾ أي الملك الأعلى الذي له الأمر كله ﴿واليوم الآخر﴾ أي فكان من أهل المعرفة الذين تصح عبادتهم وتفيدهم، فإنها إنما تفيد في ذلك اليوم، ولم يذكر الإيمان بالرسول لأن هذه البراءة عن لسانه أخذت، فالإيمان بها إيمان به لا محالة، فعدم ذكره أقعد في إيجاب الإيمان به ﴿وأقام الصلاة وآتى الزكاة﴾ أي وأيد دعواه الإيمان بهذين الشاهدين، وذلك أن عمارة المساجد ليست مقصودة لذاتها، بل الدلالة على رسوخ الإيمان، والصلاة أعظم عمارتها، والزكاة هي المعين لعمدتها على عمارتها.
ولما كان ربما فهم من قوله: ﴿آمن﴾ أنه يكفي في الإيمان مجرد الإقرار باللسان، أعلم أنه لابد في ذلك من إيجاد التصديق حقيقة المثمر لخشية الله فلذلك قال: ﴿ولم يخش﴾ أي في الأعمال الدينية ﴿إلا الله﴾