ودخول الاستفهام عليها يؤذن بأنها ليست للطمع لأن الاستفهام لا يدخل على الطمع ولا على ما ليس بخبر، فدخول هل عليها مما يؤذن بأنها خبر - انتهى. فتفسيرها بما ذكرته - من أنها لما يمكن أن يكون وهو خليق بأن يكون - أول، ويكون الطمع لازماً لمضمون الكلام لا أنه مدلولها بالمطابقة - والله الموفق.
ولما بين سبحانه الصالح لذلك من غيره، أنكر على من لم يفرق بين الصنفين فقال: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ أي مجردة عن الإيمان ﴿وعمارة المسجد الحرام﴾ أي كذلك كالإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد، وأهل السقاية والعمارة من غير إيمان في موالاتهم والكف عن معاداتهم ﴿كمن آمن بالله﴾ أي الحامل اعتقاد كماله على كل كمال ﴿واليوم الآخر﴾ أي الحاث خوفه على كل خير ﴿وجاهد في سبيل الله﴾ أي الملك الأعلى المحيط بكل شيء، فالآية على قراءة الجماعة من الاحتباك: حذف أولاً المشبه به لدلالة المشبه عليه وثانياً المشبه لدلالة المشبه به عليه، وأما على رواية نسي بن وردان عن أبي جعفر شاذاً: سقاة وعمرة - بالجمع فلا يحتاج إلى تقدير.
ولما كان كأنه قيل: كنا نظن ذلك فما حالهم؟ قال: ﴿لا يستوون عند الله﴾ أي الذي له الكمال كله لأن المشركين ظلموا بترك الإيمان ﴿والله﴾ أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه ﴿لا يهدي القوم الظالمين*﴾