أربعة» أي من الشهور، وعلى جمع القلة لما لا يعقل بنون جمع المؤنث فلذا قال ﴿فلا تظلموا فيهن﴾ أي في الأربعة.
ولما كان إنساؤهم هو لتحل لهم المقاتلة على زعمهم قال: ﴿وقاتلوا المشركين كافة﴾ أي كلكم في ذلك سواء، في الائتلاف واجتماع الكلمة ﴿كما يقاتلونكم كافة﴾ أي كلهم في ذلك سواء وذلك الحكم في جميع السنة، لا أنهاكم عن قتالهم في شهر منها، فأنتم لا تحتاجون إلى تغيير حكمي فيها لقتال ولا غيره إن اتقيتم الله، فلا تخافوهم وإن زادت جموعهم وتضاعفت قواهم لأن الله يكون معكم ﴿واعلموا أن الله﴾ أي الذي له جميع العظمة معكم، هكذا كان الأصل ولكنه أظهر الوصف تعليقاً للحكم به وتعميماً فقال: ﴿مع المتقين*﴾ جميعهم، وهم الذين يثبتون تقواهم على ما شرعه لهم، لا على النسيء ونحوه، ومن كان الله معه نصر لا محالة.
ولما فهم من هذا إبطال النسيء لأنه فعل أهل الجاهلية فلا تقوى فيه، كان كأنه قيل: أفما في النسيء تقوى فإن سببه إنما هو الخوف من انتهاك حرمة الله بالقتال في الشهر الذي حرمه؟ وذلك أنهم كانوا أصحاب غارات وحروب، وكانوا يحترمون الأشهر الحرم عن القتال حتى لو رأى الإنسان قاتل أبيه لا مانع منه لم يعرض له، فكان إذا جاء الشهر الحرام وهم محاربون شق عليهم تركه، وكان يشق عليهم ترك


الصفحة التالية
Icon