انهم عدوا ل ﴿من﴾ خمسة معان كلها ترجع إلى ابتداء الغاية عند المحققين، وبين كيفية ذلك حتى البيانية، فمعنى ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ [الحج: ٣٠] الذي ابتداؤه من الأوثان، لأن الرجس جامع للأوثان وغيرها.
ولما كان الاستفهام إنكارياً كان معناه النهي، فكان تقدير: لا ترضوا بها فإن ذلك أسفه رأي وأفسده! فقال تعالى معللاً لهذا النهي: ﴿فما﴾ أي بسبب أنه ما ﴿متاع الحياة الدنيا في﴾ أي مغموراً في جنب ﴿الآخرة إلا قليل*﴾ والذي يندب هم المتجر ويدعي البصر به ويحاذر الخلل فيه يعد فاعل ذلك سفيهاً.
ولما كان طول الاستعطاف ربما كان مدعاة للخلاف وترك الإنصاف، توعدهم بقوله: ﴿إلا تنفروا﴾ أي في سبيله ﴿يعذبكم﴾ أي على ذلك ﴿عذاباً أليماً*﴾ أي في الدارين ﴿ويستبدل﴾ أي يوجد بدلاً منكم ﴿قوماً غيركم﴾ أي ذوي بأس ونجدة مخالفين لكم في الخلال التي كانت سبباً للاستبدال لولايته ونصر دينه.
ولما هددهم بما يضرهم، أخبرهم أنهم لا يضرون بفتورهم غير أنفسهم فقال: ﴿ولا تضروه﴾ أي الله ورسوله ﴿شيئاً﴾ لأنه متم أمره ومنجر وعده ومظهر دينه؛ ولما أثبت بذلك قدرته على ضره لهم وقصورهم عن الوصول إلى ضره، كان التقدير: لأنه قادر على نصر دينه


الصفحة التالية
Icon