لحكم الحق وإظهار العدل، فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكل القرآن ممدوح وموصوف بالخلق العظيم جامع لما تضمنته كتب الماضين وما اختصه الله به من سعة القرآن العظيم، فهذا وجه تفاوت ما بين الوصية والكتاب في محكم الخطاب؛ والله سميع عليم - انتهى.
ولما فاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معرفتهم بهذا الطريق، شرع العالم بما في الضمائر يصفهم له بما يعوض عن ذلك، فقال على طريق الجواب للسؤال: ﴿لا يستئذنك﴾ أي يطلب إذنك بغاية الرغبة فيه ﴿الذين يؤمنون بالله﴾ أي يجددون الإيمان كل وقت حقاً من أنفسهم بالملك الذي له صفات الكمال ﴿واليوم الآخر﴾ أي الذي يكون فيه الجزاء بالثواب والعقاب ﴿أن﴾ أي في أن ﴿يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم﴾ بل يبادرون إلى الجهاد عند إشارتك إليه وبعثك عموماً عليه فضلاً عن أن يستأذنوك في التخلف عنه، فإن الخلص من المهاجرين والأنصار كانوا يقولون: لا نستأذنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبداً في الجهاد فإن ربنا ندبنا إليه مرة بعد مرة فأيّ فائدة في الاستئذان! ولنجاهدن معه بأموالنا وأنفسنا، وكانوا بحيث لو أمرهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعقود شق عليهم كما وقع لعلي رضي الله عنه في غزوة تبوك حتى قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» ! ولما كان التقدير: فمن اتصف بذلك فاعلم أنه متق بأخبار الله، عطف عليه


الصفحة التالية
Icon