أي والحال أنهم ما ﴿هم﴾ صادقين في حلفهم أنهم ﴿منكم ولكنهم قوم﴾ أي مع أن لهم قوة وقياماً فيما يحاولونه ﴿يفرقون*﴾ أي يخافون منكم على دمائهم خوفاً عظمياً يفرق همومهم فهو الملجىء لهم إلى الحلف كذباً على التظاهر بالإسلام، فكأنه قيل: فما لهم يقيمون بيننا والمبغض لا يعاشر من يبغضه؟ فقيل: لأنهم لا يجدون ما يحميهم منكم ﴿لو يجدون ملجئاً﴾ أي شيئاً يلجؤون إليه من حصن أو جبل أو قوم يمنعونهم منكم ﴿أو مغارات﴾ في الجبال تسعهم، جمع مغارة - مفعلة من غار في الشيء - إذا دخل فيه، والغور: ما انخفض من الأرض.
ولما كانت الغيران - وهي النقوب في الجبال - واسعة والوصول إليها سهلاً، قال: ﴿أو مدخلاً﴾ أي مكاناً يدخلونه يغاية العسر والصعوبة لضيقه أو لمانع في طريقه أو قوماً يداخلونهم وإن كانوا يكرهونهم - بما أرشد إليه التشديد: ﴿لولوا إليه﴾ أي لاشتدوا في التوجه إليه متولين مرتدين عنكم على أعقابهم ﴿وهم يجمحون*﴾ أي حالهم حال الدابة التي كانت مسرعة في طواعية راكبها فإذا هي قد نكصت على عقبها ثم أخذت في غير قصده بغاية الإسراع ونهاية الرغبة والداعية لا يردها بئر تقع فيه ولا مهلكة ولا شيء.
ولما قرر حال من يتخلف عن الجهاد، وربما بذل ماله فيه افتداء لسفره، شرع في ذكر من يشاركه في الإنفاق والنفاق ويخالفه


الصفحة التالية
Icon