يعرض عند المصالح، لا يليق بمحاسن الدين غيرها، بينها تعالى بقوله: ﴿قل أذن خير﴾ ثم بين أن نفع ذلك عائد إليهم بقوله: ﴿لكم﴾ ثم فسر ذلك بقوله: ﴿يؤمن﴾ أي يوقع الإيمان للملائكة الذين يأتونه عن الله من التكذيب بأن يصدقهم معترفاً ﴿بالله﴾ أي بسبب ما يخبرونه عنه به حق الإيمان لما له من كمال العلم بما له سبحانه من صفات الجلال والإكرام؛ وحاصله أن فعل الإيمان ضمن فعل التصديق ثم حذف وانتزعت منه حال أقيمت مقامه ثم حذفت وأتى بصلة تدل عليها كما قالوا في قوله تعالى ﴿ولتكبروا الله على ما هداكم﴾ [البقرة: ١٨٥] أن التقدير: حامدين على ما هداكم، فالتقدير هنا: يؤمن مصدقاً بالله، فهدذا حقيقته وهو يثمر محبة المؤمنين وولايتهم، ولذا أتبعه قوله: ﴿ويؤمن للمؤمنين﴾ أي الراسخين، يوقع الإيمان لهم من التكذيب بأن يصدقهم في كل ما يخبرونه به مما يحتمل التصديق، وذلك لأجل مصالحهم والتأليف بينهم مع ما ثبت من صدقهم، فإنه لو حملهم على عقله ومبلغ علمه يحبه الكاذب وعاقب الخائن بمجرد علمه وتفرسه، لقصرت عن ذلك غالب الأفهام وتاهت بسببه أكثر الأوهام، فنفرت القلوب ووقع من الأغلب الاتهام. ولما كان التصديق بوجود الإله على ما له من صفات الكمال المقتضي للأمر والنهي عدي بالباء، وهنا كان التصديق إنما هو للإخبار بأيّ شيء كان عدي باللام وأشير - بقصر الفعل وهو متعد - إلى مبالغة في التصديق بحيث كأنه لا تصديق غيره.


الصفحة التالية
Icon