الجلود، وتجب منها القلوب، اللهم اجعل وفاتي قتلاً في سبيلك! لا يقول أحد: أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلا عرف مصرعه غيره رضي الله عنه. ولعل إطلاقاً الطائفة عليه تعظيماً له وستراً عليه وتبشيراً بتوبة غيره، ولعل مخشياً كان مؤمناً ولكن كان إيمانه مزلزلاً فلذا عبر هنا بقوله ﴿أكفرتم بعد إيمانكم﴾ والتعبير بذلك أشنع في الذم ولا سيما عند العرب لأنهم يتمادحون بالثبات على أيّ أمر اختاروه ويتذامون بالطيش، ولعل الجلاس المعنيّ بالقصة الآتية وحده أو مع غيره لم يكن آمن كغيره ممن عني بها، وما آمن إلا حين تاب، فلذا عبر هناك بقوله: ﴿وكفروا بعد إسلامهم﴾ ؛ قال أبو حيان: قال ابن عمر: «رأيت وديعة بن ثابت متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يماشيها والحجارة تنكته وهو يقول ﴿إنما كنا نخوض ونلعب﴾ والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:» أبالله وآياته «- الآية.
ولما بين سبحانه أفعالاً وأقوالاً لطوائف من المنافقين - منهم من كان معه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العسكر - هي في غاية الفساد، كان ذلك ربما اقتضى أن يسأل عن المتخلفين لو خرجوا ما كان يكون حالهم؟ فقال جواباًُ عن ذلك واستدلالاً على أن إجرام الذين لم يعف عنهم منهم خلق لازم: ﴿المنافقون والمنافقات﴾ أي الذين أظهروا الإيمان