ولما بين كثيراً من أحوالهم فاشتد التشوف إلى مآلهم وكان مقصودها بإظهار الإيمان والاعتذار عن النقائض بتأكيد الأيمان إنما هو التقرب إلى المؤمنين والتحبب طمعاً في العيش في أكنافهم وفرقاً من المعاجلة بما يستحقون من إتلافهم، بين أن لهم على هذا الخداع العذاب الدائم والطرد اللازم، وجمع معهم المصارحين بالكفر إعلاماً بأنهم إن لم يكونوا أعظم عناداً منهم فهم سواء، فقال: ﴿وعد الله﴾ وساقه بصيغة البشارة تهكماً بهم وإبلاغاً في مساءتهم ﴿المنافقين والمنافقات﴾ أي المساترين باعتقادهم ﴿والكفار﴾ أي المجاهرين في عنادهم.
ولما كانوا مجبولين على تجهم المؤمنين والانقباض عنهم، وإن أظهروا خلاف ذلك فهو تصنع، قال: ﴿نار جهنم﴾ أي النار التي من شأنها تجهم أهلها ولقاؤهم بالعبوسة الزائدة ﴿خالدين فيها﴾ أي لا براح لهم عنها ﴿هي حسبهم﴾ أي كافيتهم في العذاب، لكن لما كان الخلود قد يتجوز به عن الزمن الطويل فيكون بعده فرج، قال: ﴿ولعنهم الله﴾ أي طردهم وأبعدهم من رحمته وهو الملك العليم الحكيم الذي لا أمر لأحد معه فأفهم أنه لا فرج لهم، ثم نفي كل احتمال بقوله: ﴿ولهم﴾ أي بالأمرين ﴿عذاب مقيم*﴾ أي لا وصف له غير الإقامة في الدنيا بما هم مقهورون به من سطوة الإسلام وجنوده الكرام الأعلام، وفي الآخرة بما لا يعلمه حق علمه إلا الله


الصفحة التالية
Icon