الأديان أجمعين أن ذلك إنما مقصوده الأخبار والقصص فقط، كلاً وليس كذلك! إنما مقصوده الاعتبار والتنبيه لمشاهدة متكررة في هذه الأمة من نظائر جميع أولئك الأعداد وتلك الأحوال والآثار حتى يسمع السامع جميع القرآن من أوله إلى خاتمته منطبقاً على هذه الأمة وأئمتها هداتها وضلالها، فحينئذ ينفتح له باب الفهم ويضيء له نور العلم ويتجه له حال الخشية ويرى في أصناف هذه الأمة ما سمع من أحوال القرون الماضية وإنه كما قيل في مثل السائر:
إياك أعني واسمعي ياجارة... ثم إذا شهد انطباق القرآن على كلية الأمة فكان بذلك عالماً ينفتح له باب ترق، فيترقى سمعه إلى أن يجد جميع كلية القرآن المنطبق على كلية الأمة منطبقاً على ذاته في أحوال نفسه وتقلباته وتصرفات أفعاله وازدحام خواطره حتى يسمع القرآن منطبقاً عليه فينتفع بسماع جميعه ويعتبر بأي آية سمعها منه فيطلب موقعها في نفسه فيجدها بوجه ما رغبة كانت أو رهبة تقريباً كانت أو تبعيداً إلى أرفع الغايات أو إلى أنزل الدركات، فيكون بذلك عارفاً، هذا مقصود التنبيه في هذا الفصل جملة، ولنتخذ لذلك مثالاً يرشد لتفهم ذلك الانطباق على كلية الأمة علماً وعلى خصوص ذات القارىء السامع


الصفحة التالية
Icon