على ما لم يمنعوا يحمدون الخلق على رزق الله ويذمونهم على ما لم يؤته الله ويلحدون في أسمائه حتى يكتب بعضهم لبعض «سيدي وسندي وأسنى عُددي عبدك ومملوكك» يبطلون بذلك أخوة الإيمان ويكفرون تسوية خلق الرحمن ويدعون لأنفسهم أفعال الله فيقولون: فعلنا وصنعنا وأحسنا وعاقبنا - كلمة نمرودية، آتاهم ما لم يشعروا باختصاص الله فيه بأمر كالذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك حين قال: أنا أحيي وأميت، وهذه هي المجوسية الصرف والقدرية المحضة التي لا يصح دين الإسلام معها، لأن المسلم من أسلم الخلق والأمر لربه
﴿أسلمت وجهي لله ومن اتبعن﴾ [آل عمران: ٢٠]، ﴿ألا له الخلق والأمر﴾ [الأعراف: ٥٤] وما سوى ذلك قدرية وهي مجوسية هذه الأمة حيث جعلوا للعبد شركة في فعل الرب وجعلوا له معه تعالى قدرة وقوة ومشيئة واختياراً وتدبيراً ولم يعلموا أن التقدير منع التدبير، وأنه تعالى هو يدبر الأمر من السماء إلى الأرض؛ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «القدرية مجوس هذه الأمة» فكل ما أنزل الله عز وجل في القرآن الجامع لذكر جميع الملل والأديان مما عزاه لمن وزع الأفعال بين الحق والخلق من كلام ذي فرعنة أو نمرودية أو ذي سلطان فللمعتقد المدح والذم حظ منه على حسب توغلهم واستغراقهم في الذين زعموا أنهم فيهم شركاء فخافوهم ورجوهم، فكل خائف من الخلق أو راج منهم من عداد الذين آمنوا والذين أسلموا في هذه الأمة