من باب: ولا عيب فيهم.
ولما نبه على أن هذه المساوىء قابلوا بها المحسن إليهم، رغبهم بأنه قابل المتاب عليهم، ورهبهم بأنه لا مرد لما يريد من العذاب بقوله: ﴿فإن يتوبوا﴾ ولما كان المقام جديراً بأن يشتد تشوف السامع إلى معرفة حالهم فيه، حذف نون الكون اختصاراً تنبيهاً على ذلك فقال ﴿يك﴾ أي ذلك ﴿خيراً لهم﴾ من إصرارهم.
ولما كان للنفوس من أصل الفطرة الأولى داعية شديدة إلى المتاب، وكان القرآن في وعظه زاجراً مقبول العتاب عظيم الأخذ بالقلوب والعطف للألباب، أشار إلى ذلك بصيغة التفعيل فقال: ﴿وإن يتولوا﴾ أي يكلفوا أنفسهم الإعراض عن المتاب ﴿يعذبهم الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً بحوله وقوته ﴿عذاباً أليماً﴾ أي لا صبر لهم عليه ﴿في الدنيا﴾ أي بما هم فيه من الخوف والخزي والكلف وغيرها ﴿والآخرة﴾ أي بالعذاب الأكبر الذي لا خلاص لهم منه ﴿وما لهم في الأرض﴾ أي التي لا يعرفون غيرها لسفول هممهم ﴿من وليّ﴾ أي يتولى أمورهم فيصلح ما أفسد العذاب منهم أو يشفع لهم ﴿ولا نصير*﴾ أي ينقذهم؛ وأما السماء فهم أقل من أن