وكان حقيقة نظم الآية التخيير في الاستغفار وتركه ونفي المغفرة بالاستغفار بالعدد المحصور في سبعين، جعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآية مقيدة لما في سورة المنافقين فاستغفر لابن أبيّ وصلى عليه وقام على قبره وصرح بأنه لو يعلم انه لو زاد على السبعين قبل لزاد، واستعظم عمر رضي الله عنه ذلك منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرع يمسكه بثوبه ويقول: أتصلي عليه وقد نهاك الله عن ذلك! لأنه لم يفهم من الآية غير المجاز لما عنده من بغض المنافقين، وأما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأى التمسك بالحقيقة لما في الرفق بالخليفة من جميل الطريقة بتحصيل الائتلاف الواقع للخلاف وغيره من الفوائد وجليل العوائد، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقول لما نزل النهي الصريح: فعجبت بعد من جراءتي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أي تفطنت بعد هذا الصريح أن ذلك الأول كان محتملاً وإلا لأنكر الله الصلاة عليه، وفي موافقة الله تعالى لعمر رضي الله عنه منقبة شريفة له، وقد وافقه الله تعالى مع هذا في أشياء كثيرة، روى البخاري في التفسير وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما توفى عبد الله بن أبيّ جاء ابنه عبد الله بن عبد الله رضي الله عنه - إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله ان يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه؛ وفي رواية في اللباس، فأعطاه قميصه وقال: إذا فرغت فآذنا، فلما فرغ آذنه فجاء، وفي رواية: فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ