﴿ذلك﴾ أي الأمر الذي يبعد فعله من الحكيم الكريم ﴿بأنهم كفروا بالله﴾ أي وهو الملك الأعظم ﴿ورسوله﴾ أي فهم لا يستأهلون الغفران لأنهم لم يهتدوا لإصرارهم على الفسق وهو معنى قائم بهم في الزيادة على السبعين كما هو قائم بهم في الاقتصار على السبعين ﴿والله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿لا يهدي القوم الفاسقين﴾ أي أنه لا يهديهم لأنه جبلهم على الفسق، وكل من لا يهديه لأنه جلبه على الفسق لا يغفر له، فهو لا يغفر لهم لما علم منهم مما لا يعلمه غيره، فهو تمهيد لعذر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في استغفاره قبل العلم بالطبع الذي لا يمكن معه رجوع.
ولما علل سبحانه عدم المغفرة بفسقهم، وأتى بالظاهر موضع المضمر إشارة إلى اتصافهم به وتعليقاً للحكم بالوصف، علل رسوخهم في الفسق بعد أن قدم أن المنافقين بعضهم من بعض فهم كالجسد الواحد بقوله: ﴿فرح المخلفون﴾ أي الذين وقع تخليفهم بإذنك لهم وكراهة الله لانبعاثهم ﴿بمقعدهم﴾ أي قعودهم عن غزوة تبوك، ولعله عبر بهذا المصدر لصلاحيته لموضع القعود ليكون بدلالته على الفرح أعظم دلالة على الفرح بالموضوع، وهو مروي عن ابن عباس رضى الله عنهما، وأظهر الوصف بالتخلف موضع الضمير زيادة في تهجين ما رضوا به لأنفسهم، وزاده تهجيناً أيضاً بقوله: ﴿خلاف﴾ أي بعد وخلف أو لأجل خلاف ﴿رسول الله﴾ أي الملك الأعظم الذي من