وتطييباً لقلوب المؤمنين من أولادهم، فإنهم إن كانوا مؤمنين لم يضرهم ترك ذلك وإلا فبعداً لهم وسحقاً ﴿إنما يريد الله﴾ أي بعزه وعظمته وعلمه وإحاطته ﴿أن يعذبهم﴾ أي تعذيبهم ﴿بها﴾ فالفعل واقع بخلافة في الآية السابقة ﴿في الدنيا﴾ أي بجمعها ومحبة الإخلاد إليها وإلى الأولاد إن كانوا مثلهم في الاعتقاد وإلا كانوا زيادة عذاب لهم في الدارين ﴿وتزهق﴾ أي تخرج بغاية العسر ﴿أنفسهم وهم﴾ لاغترارهم بها ﴿كافرون*﴾ ولا شك أن خطاب الرأس بغاية العسر ﴿أنفسهم وهم﴾ لاغترارهم بها ﴿كافرون*﴾ ولا شك أن خطاب الرأس بشيء أوقع في قلوب أصحابه فلذلك وقع الخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمراد غيره من أتباعه وجماعته وأشياعه ممن قد يجنح إلى الأسباب ويقف عنده كما هو طبع النفوس في تأمل ما شهد ونسيان ما غاب وعهد تدريباً لهم على الحب في الله والبغض فيه لأنه من أدق أبواب الدين فهماً وأجلها قدراً، وعليه تبتنى غالب أبوابه، ومنه تجتنى أكثر ثمراته وآدابه، وذلك أنه ربما ظن الناظر فيمن بسطت عليه الدنيا أنه من الناجين فيوادّه لحسن قوله غافلاً عن سوء فعله، أو يظن أن أهل الدين فقراء إلى مساعدته لهم في جهاد أو غيره بما له وذويه روية فيداريه، فأعلمهم تعالى أن ما هذا سبيله مقطوع البركة نهياً عن النظر إلى الصور وتنبيهاً على قصر الأنظار على المعاني ﴿قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث﴾ [المائدة: ١٠٠]- الآية {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا


الصفحة التالية
Icon