بمن هو الخير المحض تبكيتاً لهم وتقريعاً: ﴿لكن الرسول﴾ أي والذي بعثه لرد العباد عن الفساد إلى السداد ﴿والذين آمنوا﴾ أي إيماناً عظيماً كائناً أو كائنين ﴿معه﴾ أي مصاحبين له ذاتاً وحالاً في جميع ما أرسلناه إليهم به ﴿جاهدوا بأموالهم وأنفسهم﴾ أي بذلوا كلاًّ من ذلك في حبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحققوا بشرط الإيمان و «لكن» واقعة موقعها بين متنافسين لأن ما مضى من حالهم كله ناطق بأنهم لم يجاهدوا.
ولما كان السياق لبخلهم بالنفس والمال، ولسلب النفع من أموالهم وأولادهم، اقتصر في مدح أوليائه على الجهاد بالنفس والمال ولم يذكر السبيل وقال: ﴿أولئك﴾ دالاً على أنه معطوف على ما تقديره: فأولئك الذين نورت قلوبهم فهم يفقهون، وقوله: ﴿لهم﴾ أي لا لغيرهم ﴿الخيرات﴾ تعرض بذوي الأموال من المنافقين لأن الخير يطلق على المال وتحليته ب «ال» على استغراقه لجميع منافع الدارين، والتعبير بأداة البعد إشارة إلى علو مقام أوليائه وبعد مناله إلا بفضل منه تعالى، وكذا التعريض بهم بقوله: ﴿وأولئك هم﴾ أي خاصة ﴿المفلحون*﴾ أي الفائزون بجميع مرادهم، لا غيرهم؛ ثم بين الإفلاح الأعظم بقوله: ﴿أعد الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿لهم﴾ أي الآن لينعمهم بها بعد موتهم وانتقالهم من هذه الدار التي هي معدن الأكدار ﴿جنات تجري﴾ أي دائماً ﴿من تحتها﴾ أي مع قربها ﴿الأنهار﴾ ثم عرض بهذه الدنيا السريعة الزوال فقال: ﴿خالدين فيها﴾ ثم رغب فيها بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي الرتبة ﴿الفوز العظيم*﴾ أي لا غيره.