آباؤكم؛ واجاب القسم بما سد عن جواب الشرط بقوله: ﴿إنكم إذاً﴾ أي وقت اتباعه ﴿لخاسرون*﴾ أي لأنكم استبدلتم بدين الآباء غيره وحرمتم فوائد البخس والتطفيف وقط السبل.
ولما كمل إثمهم بالضلال والإضلال، استحقوا الأخذ فقال: ﴿فأخذتهم﴾ أي فتسبب عن أقوالهم هذه وأفعالهم أنه أخذتهم ﴿الرجفة﴾ أي الزلزلة العظيمة في القلوب أو الديار التي كانت سبباً للصيحة أو مسببة عنها ﴿فأصبحوا في دارهم﴾ أي مساكنهم، وتقدم سر توحيدها ﴿جاثمين*﴾ أي باركين على الركب أو لازمين أمكنتهم لا حراك بهم، وهذا دون ما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت الملائكة بحنين، فكان الكفار يسمعون في أجوافهم مثل وقع الحصاة في الطست، ودون ما كان يجد مخالفه من الرعب من مسيرة شهر من ورائه وشهر من أمامه، ولكونه كان نبي الرحمة ما اقتضى ذلك الهلاك بل النجاة.
ولما أخبر سبحانه بهلاكهم وما سببه من أقوالهم وأفعالهم، وكان للتخليص من العظمة في القلوب بتصوير المخلص للأذهان ما لا يخفى، لخص ذلك ذاكراً لأنه حل بهم بالخصوص - ما نسبوا إلى المؤمنين من الخسارة فقال: ﴿الذين كذبوا شعيباً﴾ أي نسبوه إلى الكذب فيما قاله عنا وأيدناه فيه بالبينات ﴿كأن﴾ أي هم المخصصون بالهلاك


الصفحة التالية
Icon