على جميع الأنام، ثم استأنف بيان ما أنجاهم منه بقوله: ﴿يسومونكم﴾ أي ينزلون بكم دائماً ﴿سوء العذاب﴾.
ولما كان السياق - كما مضى - لبيان إسراعهم في الكفر وشدة علوتهم في قوتهم وجلافتهم، وكان مقصود السورة إنذار المعرضين وتحذيرهم من القوارع التي أحلها بالماضين، بين سوء العذاب عادلاً في بيانه عن التذبيح - لأنه لا يكون عند الانذباح، وهو في الأصل لمطلق الشق - إلى التعبير بالقتل لأنه أدل على الإماتة وأهز، لأنه قد يكون على هيئة شديدة بشعة كالتقطيع والنخس والخبط وغير ذلك مع أنه لا بد فيه من تفويت ذلك فقال: ﴿يقتلون﴾ أي تقتيلاً كثيراً - ﴿أبناءكم﴾ ودل على حقيقة القتل بقوله: ﴿ويستحيون﴾.
ولما كان المعنى أنهم لا يعرضون للإناث صغاراً ولا كباراً، وكان إنكار ما يكون إبقاء النساء بلا رجال لما يخشى من الضياع والعار، وكان مظنة العار أكبر - عبر عنهن بقولة: ﴿نساءكم﴾ وتنبيهاً على أن قتل الأبناء إنما هو للخوف من صيرورتهم رجالاً لئلا يسلبهم واحد منهم أعلمهم به كهانهم ملكهم؛ وأشار إلى شدة ذلك بقوله: ﴿وفي ذلكم﴾ أي الأمر الصعب المهول ﴿بلاء﴾ أي اختبار لكم ولهم ﴿من ربكم﴾ أي المحسن إليكم في حالي الشدة والرخاء، فأنه أخفى عنهم الذي قصدوا القتل لأجله، وأنقذكم به بعد أن رباه عند الذي هو مجتهد في ذبحه ﴿عظيم﴾.


الصفحة التالية
Icon