مذكراً له نعمه في سياق دال على عظيم قدرها وإيجاب شكرها مسقطاً عنه مظهر العظمة تأنيساً له ورفقاً به - ﴿إني اصطفيتك﴾ أي اخترتك اختياراً بالغاً كما يختار ما يصفى من الشيء عن كل دنس ﴿على الناس﴾ أي الذين في زمانك ﴿رسالاتي﴾ أي الآيات المستكثرة التي أظهرتها وأظهرها على يديك من أسفار التوارة وغيرها ﴿وبكلامي﴾ أي من غير واسطة وكأنه أعاد حرف الجر للتنبيه على ذلك، كما اصطفى محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الناس عامة في كل زمان برسالته العامة وبكلامه المعجز وبتكليمه من غير واسطة في السماء التي قدست دائماً ونزهت عن التدنيس بمعصية.
ولما كان ذلك مقتضياً لغاية الإقبال والنشاط، سبب عنه قوله: ﴿فخذ ما آتيتك﴾ آي مخصصاً لك به ﴿وكن من الشاكرين*﴾ أي العريقين في صفة الشكر المجبولين عليها.
ولما انقضى ما أنسه سبحانه به لفت الكلام - في الإخبار لنا عن عظيم ما آتاه - لي مظهر العظمة، فقال مفصلاً لتلك الرسالة ومبيناً بعض ما كان من الكلام ﴿وكتبنا﴾ أي بعظمتنا ﴿له في الألواح﴾ عرفها لعظمتها تنبيهاً على أنها لجلالة ما اختصت به كأنها المختصة بهذا الاسم، وأعظم من هذا جعل قلب النبي الأمي لوحاً قابلاً لما يلقى إليه جامعاً لعلوم الأولين والآخرين ﴿من كل شيء﴾ أي يحتاجه بنو إسرائيل، وذلك هو العشر الآيات التي نسبتها إلى التوارة نسبة الفاتحة إلى القران، ففيها


الصفحة التالية
Icon