فلا يشترط أن يكون معناه على الوجه الأسدّ والطريق الأبلغ، فالإعجاز في نظمه، ومرادهم به أن يخفف عنهم من العذاب ولو بمشاركة من كانوا يعبدونهم معهم، فهو من وادي قوله تعالى
﴿فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء﴾ [إبراهيم: ٢١]، ﴿فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار﴾ [غافر: ٤٧] ﴿فآتاهم عذاباً ضعفاً من النار﴾ [الأعراف: ٣٨] ونحوه ﴿فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب﴾ [الأعراف: ٣٩]- والله أعلم.
ولما أخبر عن حال المشركين، تشوفت النفس إلى الاطلاع على حال غيرهم فقال مستأنفاً مخبراً عن كِلا الفريقين: ﴿هنالك﴾ أي في ذلك الموقف من المكان والزمان العظيم الأهوال المتوالي الزلزال ﴿تبلوا﴾ أي تخبر وتخالط مخالطة مميلة محلية ﴿كل نفس﴾ طائعة وعاصية ﴿مآ أسلفت﴾ أي قدمت من العمل فيعرف هل كان خيراً أو شراً وهل كان يؤدي إلى سعادة أو شقاوة.
ولما كان مطلق الرد - وهو صرف الشيء إلى الموضع الذي ابتدأ منه - كافياً في الرهبة لمن له اب، بُني للمفعول قوله: ﴿وردوآ﴾ أي بالبعث بالإحياء كما كانوا أولاً ﴿إلى الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿مولاهم الحق﴾ فلم يكن لهم قدرة على قصدِ غيره ولا الالتفات إلى سواه من تلك الأباطيل، بل انقطع رجاءهم من كل ما كانوا يدعونه


الصفحة التالية
Icon