ثم علل ذلك الحقوق بقوله: ﴿أنهم لا يؤمنون*﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان أصلاً، وعبر بالفسق المراد به الكفر لأن السياق للخروج عن دائرة الدين الحق في قوله ﴿وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا﴾ وهذا المعنى أحق بالتعبير للفسق الذي أصله الخروج عن محيط في قولهم: فسقت الرطبة عن قشرها - أي خرجت، أو يكون المعنى: حقت الربوبية له سبحانه بهذا الليل، وهو فعل هذه الأمور المختتمة بالتدبير المقتضي للوحدانية له سبحانه قطعاً لأنه لو كان قادر يساويه في مقدوره لأمكن أن يمانعه، وبطل أن يكون قادراً، وحق أن من زاغ عن الحق كان في الضلال كما حق هذا ﴿كذلك حقت﴾ أي ثبتت ثباتاً عظيماً ﴿كلمت ربك على﴾ كل ﴿الذين﴾ قضى بفسقهم منهم. و ﴿أنهم لا يؤمنون﴾ تفسير لكلمته التي حقت؛ والرزق: جعل العطاء الجاري.
ولما علم أنهم معترفون بأمر الهداية وما يتبعها من الرزق والتدبير أعاد سبحانه السؤال عنها مقرونة بالإعادة تنبيهاً لهم على ما يتعارفونه من أن الإعادة أهون، فإنكارها مع ذلك إما جمود أو عناد، وإنكار المسلمات كلها هكذا، وسوقه على الطريق الاستفهام أبلغ وأوقع في القلب فقال: ﴿قل﴾ أي على سبيل الإنكار عليهم


الصفحة التالية
Icon