الجسد أمره أن يسألهم عن غاية ذلك، والمقصود منه من أحوال الروح في الهداية التي في سبب السعادة إمعاناً في الاستدلال بالمصنوع على الصانع على وجه مشير إلى التفضيل فقال: ﴿قل﴾ أي يا أفهم العباد وأعرفهم بالمعبود ﴿هل من شركائكم﴾ أي الذين زعمتم أنهم شركاء لله، فلم تكن شركتهم إلا لكم لأنكم جعلتم لهم حظاً من أموالكم وأولادكم ﴿من يهدي﴾ أي بالبيان أو التوفيق ولو بعد حين ﴿إلى الحق﴾ فضلاً عن أن يهدي للحق على أقرب ما يكون من الوجود إعلاماً.
ولما كانوا جاهلين بالجواب الحق في ذلك أو معاندين، أمره أن يجيبهم معرضاً عن انتظار جوابهم آتياً بجزئي الاستفهام أيضاً فقال: ﴿قل الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة ﴿يهدي﴾ ولما كان قادراً على غاية الإسراع، عبر باللام فقال: ﴿للحق﴾ إن أراد، ويهدي إلى الحق من يشاء، لا أحد ممن زعموهم شركاء، فالاشتغال بشيء منها بعبادة أو غيرها جهل محض واختلال في المزاج كبير، فالآية من الاحتباك: ذكر ﴿إلى الحق﴾ أولاً دليلاً على حذفه ثانياً، و ﴿للحق﴾ ثانياً دليلاً على حذفه أولاً، فتسبب عن ذلك إنكار أتباعهم لهم فقال: ﴿أفمن يهدي﴾ أي منتهياً في هداه ولو على بعد ﴿إلى الحق﴾ أي الكامل الذي لا زيغ فيه بوجه ولو على أبعد الوجوه