من وادي ما ختم به هذه الآيات من اتباعهم للظنون لأنه لا سند لهم في ذلك بل ولا شبهة أصلاً، وإنما هو مجرد هوى بل وأكثرهم عالم بالحق في أمره، فنفى ذلك بما يزيح الظنون ويدمغ الخصوم ولا يدع شبهة لمفتون، وأثبت أنه هو الآية الكبرى والحقيق بالاتباع لأنه هدى، فقال تعالى: ﴿وما كان﴾ عاطفاً له على قوله ﴿ما يكون لي أن أبدله﴾ إلى آخره، فهو حينئذ مقول القول، أي قل لهم ذاك الكلام وقل لهم ﴿ما كان﴾ أي قط بوجه من الوجوه، وعينه تعييناً لا يمكن معه لبس، فقال: ﴿هذا القرآن﴾ أي الجامع لكل خير مع التأدية بأساليب الحكمة المعجزة لجميع الخلق ﴿أن يفترى﴾ أي أن يقع في وقت من الأوقات تعمد نسبته كذباً إلى الله من أحد من الخلق كائناً من كان؛ وعرف بتضاؤل رتبتهم دون شامخ رتبته سبحانه بقوله: ﴿من دون الله﴾ أي الذي تقرر أنه يدبر الأمر كله، فما من شفيع إلا من بعد إذنه وما يعزب عنه شيء فسبحان المتفضل على عباده بإيضاح الحجج وإزالة الشكوك والدعاء إلى سبيل الرشاد مع غناه عنهم وقدرته عليهم؛ والافتراء: الإخبار على القطع بالكذب، لأنه من فرى الأديم وهو قطعه بعد تفزيره.
ولما كان إتيان الأمي - الذي لم يجالس عالماً - بالأخبار والقصص الماضية على التحرير دليلاً قطعاً على صدق الآتي في ادعائه أنه لا معلم