﴿خذ العفو﴾ [الأعراف: ١٩٩] ﴿إن الله يأمر بالعدل﴾ [النحل: ٩٠] وأمثالهما.
ولما كان - مع الشهادة بالصدق بتصديق ما ثبت حقيقة - معجزاً بالجمع والتفصيل لجميع العلوم الشريفة: عقليها ونقليها إعجازاً لم يثبت لغيره، ثبت أنه مناقض للافتراء حال كونه ﴿لا ريب فيه﴾ وأنه ﴿من رب العالمين*﴾ أي موجدهم ومدبر أمرهم والمحسن إليهم لأنه - مع الجمع لجميع ذلك - لا اختلاف فيه بوجه، وذلك خارج عن طوق البشر.
ولما كان هذا موضع أن يذعنوا لأن هذا القرآن ليس إلا من عند الله وبأمره قطعاً، كان كأنه قيل: ارجعوا عن غيهم فآمنوا واستقاموا ﴿أم﴾ استمروا على ضلالهم ﴿يقولون﴾ على سبيل التجديد والاستمرار عناداً ﴿افتراه﴾ أي تعمد نسبته كذباً إلى الله، فكأنه قيل، تمادوا على عتوهم فقالوا ذلك فكانوا كالباحث عن حتفه بظلفه، لأنهم أصلوا أصلاً فاسداً لزم عليه قطعاً إمكان أن يأتوا بمثله لأنهم عرب مثله، بل منهم من قرأ وكتب وخالط العلماء واشتد اعتناءه بأنواع البلاغة من النظم والنثر والخطب وتمرنه فيها بخلافه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جميع ذلك، فلهذا أمره في جوابهم بقوله ﴿قل﴾ أي لهم يا أبلغ خلقنا وأعرفهم بمواقع الكلام لجميع أنواعه، أتى بالفاء


الصفحة التالية
Icon