أي الذين رسخت أقدامهم في وضع الأشياء في غير مواضعها حتى كذبوا من لا يجوز عليه الكذب بوجه، ومن المقطوع به أن هذا المسؤول يقول من غير تعلثم ولا تردد: عاقبة وخيمة قاصمة ذميمة؛ والعاقبة سبب تؤدي إليه البادئة، فالذي أدى إلى إلى هلاكهم بعذاب الاستئصال ما تقدم من ظلمهم لأنفسهم وعتوهم في كفرهم.
ولما ذكر سبحانه تكذيبهم، كان ذلك ربما أيأس من إذعانهم وتصديقهم، وآذن باستئصالهم لتكمل المشابهة للأولين، وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شديد الشفقة عليهم والحرص على إيمانهم، فأتبعه تعالى بقوله بياناً لأن علمه بانقسامهم أوجب عدم استئصالهم عاطفاً على ﴿كذبوا﴾ :﴿ومنهم﴾ أي قومك ﴿من يؤمن به﴾ أي في المستقبل ﴿ومنهم من لا يؤمن به﴾ أي القرآن أصلاً ولو رأى كل آية ﴿وربك﴾ أي المحسن إليك بالرفق بأمتك ﴿أعلم بالمفسدين*﴾ أي الذين هم عريقون في الإفساد فسيعاملهم بما يشفي صدرك.
ولما قسمتهم هذه الآية قسمين، وتليت بذكر القسم الثاني بالواو، عرف أنه معطوف على مطوى القسم الأول، فكان كأنه قيل: فإن صدقوك فقل: الله ولي هدايتكم ولي مثل أجوركم بنسبتي فيها فضلاً من ربي: ﴿وإن كذبوك فقل﴾ أي قول منصف معتمد على قادر عالم ﴿لي علمي﴾ بالإيمان والطاعة ﴿ولكم عملكم﴾


الصفحة التالية
Icon