أي عيوناً وقلوباً ﴿ولو كانوا﴾ أي بما جبلوا عليه ﴿لا يبصرون*﴾ أي لا يتجدد لهم بصر ولا بصيرة، فلا تمكن هدايتهم، لأن هداية الطريق الحسي لا تمكن إلا بالبصر، وهداية الطريق المعنوي لا تمكن إلا بالبصيرة؛ والنظر: طلب الرؤية بتقليب البصر، ونظر القلب طلب العلم بالفكر؛ والعمى: آفة تمنع الرؤية عن العين والقلب؛ والإبصار: إدراك الشيء بما به يكون مبصراً، فكأنه قيل: ما له فعل بهم هذا والأمر بيده؟ فقيل: لأنه تام المُلك والمِلك وهو متفضل في جميع نعمة لا يجب عليه لأحد شيء فهو لا يسأل عما يفعل، وبنى عليه قوله: ﴿إن الله﴾ وأحسن منه أن يقال: ولما كان التقدير: إذا علمت ذلك فخفف عنك بعض ما أنت فيه، فإنك لا تقدر على إسماعهم ولا هدايتهم لأن الله تعالى أراد ما هم عليه منهم لاستحقاقهم ذلك لظلمهم أنفسهم، علله بقوله: ﴿إن الله﴾ أي المحيط بجميع الكمال ﴿لا يظلم الناس شيئاً﴾ وإن كان هو الذي جبلهم على الشر ﴿ولكن الناس﴾ أي لما عندهم من شدة الاضطراب والتقلب ﴿أنفسهم﴾ أي خاصة ﴿يظلمون*﴾ بحملهم لها على الشر وصرف قواهم فيه باختيارهم مع زجرهم عن ذلك وحجبهم عما جبلوا عليه وإن كان الكل بيده سبحانه ولا يكون إلا بخلقه.


الصفحة التالية
Icon