﴿قد خسر﴾ أي حقاً ﴿الذين كذبوا﴾ أظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف مستهينين ﴿بلقاء الله﴾ أي الملك الأعلى بما أخذوا من الدنيا من الخسيس الفاني وتركوا مما كشف لهم عنه البعث من النعيم الشريف الباقي؛ ولما كان الذي وقع منه تكذيب مرة في الدهر قد يفيق بعد ذلك فيهتدي، قال عاطفاً على الصلة: ﴿وما كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿مهتدين*﴾ مشيراً إلى تسفيههم فيما يدعون البصر فيه من أمر المتجر والمعرفة بأنواع الهداية.
ولما كان إخبار الصادق بهلاك الأعداء مقراً لعين، وكانت مشاهدة هلاكهم أقر لها، عطف على قوله ﴿قد خسر﴾ :﴿وإما نرينك﴾ أي إراءة عظيمة قبل وفاتك ﴿بعض الذي نعدهم﴾ أي في الدنيا بما لنا من العظمة فهو أقر لعينك ﴿أو نتوفينك﴾ قبل ذلك ﴿فإلينا مرجعهم﴾ فنريك فيما هنالك ما هو أقر لعينك وأسر لقلبك، فالآية من الاحتباك: ذكر أولاً الإراءة دليلاً على حذفها ثانياً، والوفاة ثانياً دليلاً على حذفها أولاً؛ و «ثم» في قوله: ﴿ثم الله﴾ أي المحيط بكل شيء ﴿شهيد﴾ أي بالغ الشهادة ﴿على ما يفعلون*﴾ في الدارين - يمكن أن يكون على بابها، فتكون مشيرة إلى التراخي بين ابتداء رجوعهم بالموت وآخره بالقيامة، ليس المراد بقوله ﴿شهيد﴾ ظاهره، بل العذاب الناشىء عن الشهادة في الآخرة إلى أن الله يعاقبهم بعد مرجعهم، فيريك ما بعدهم لأنه عالم بما يفعلون.


الصفحة التالية
Icon