وأنهم في نعمه، عليهم أن يقيدوها بالشكر خوفاً من زوالها فضلاً عن أن يتمنوه فقال: ﴿ضراً ولا نفعاً﴾.
ولما كان من المشاهد أن كل حيوان يتصرف في نفسه وغيره ببعض ذلك قال: ﴿إلا ما شاء الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة أن أملكه من ذلك، فكأنه قيل: فما لك لا تدعوه بأن يشاء ذلك ويقدرك عليه؟ فقيل: ﴿لكل أمة أجل﴾ فكأنه قيل: وماذا يكون فيه؟ فقيل: ﴿إذا جاء أجلهم﴾ هلكوا؛ ولما كان قطع رجائهم من الفسحة في الأجل من أشد عذابهم، قدم قوله: ﴿فلا يستأخرون﴾ أي عنه ﴿ساعة﴾ ثم عطف على الجملة الشرطية بكمالها ﴿ولا يستقدمون*﴾ فلا تستعجلوه فإن الوفاء بالوعد لا بد منه. والسين فيهما بمعنى الوجدان، أي لا يوجد لهم المعنى الذي صيغ منه الفعل مثل: استشكل الشيء واستثقله، ويجوز كون المعنى: لا يوجدون التأخر ولا التقدم وإن اجتهدوا في الطلب، فيكون في السين معنى الطلب والملك قوة يتمكن بها من تصريف الشيء أتم تصريف، والنفع: إيجاب اللذة بفعلها والتسبب المؤدي إليها؛ والضر: إيجاب الألم بفعله أو التسبب إليه؛ والأجل: الوقت المضروب لوقوع أمر.
ولما كان جل قصدهم بذلك الاستهزاء، وكان وقوعه أمراً ممكناً، وكان من شأن العاقل أن يبعد عن كل خطر ممكن، أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الصفحة التالية
Icon