أنه فساد فقال: ﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿لا يصلح﴾ أي وفي وقت من الأوقات ﴿عمل المفسدين*﴾ أي العريقين في الفساد بأن لا ينفع بعملهم ولا يديمه؛ ثم عطف عليه بيان إصلاحه عمل المصلحين فقال: ﴿ويحق﴾ أي يثبت إثباتاً عظيماً ﴿الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿الحق﴾ أي الشيء الذي له الثبات صفة لازمة؛ ولما كان في مقام تحقيرهم، دل على ذلك بتكرير الاسم الجامع الأعظم. وأشار إلى ما له من الصفات العلى بقوله: ﴿بكلماته﴾ أي الأزلية التي لها ثبات الأعظم، وزاد في العظمة بقوله: ﴿ولو كره المجرمون﴾ أي العريقون في قطع ما أمر الله به أن يوصل، فكان كما قال عليه السلام بطل سحرهم، واضمحل مكرهم، وحق الحق - كما بين في سورة الأعراف.
ولما حكى سبحانه أن موسى عليه السلام أبان ما أبان من بطلان السحر وكونه إفساداً، فثبت ما أتى به لمخالفته له، أخبر تعالى - تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفطماً عن طلب الإجابة للمقترحات - أنه ما تسبب عن ذلك في أول الأمر عقب إبطال سحرهم من غير مهلة إلا إيمان ناس ضعفاء غير كثير، فقال تعالى: ﴿فما آمن﴾ أي متبعاً ﴿لموسى﴾ أي بسبب ما فعل، ليعلم أن الآيات ليست سبباً للهداية إلا لمن أردنا ذلك منه؛ وبين أن الصغار أسرع إلى القبول بقوله: ﴿إلا ذرية﴾ أي شبانهم هم أهل لأن تذر فيهم البركة ﴿من قومه﴾ أي قوم موسى الذين لهم القدرة