أي نفس المبنى وهو المسجد ﴿الذي بنوا ريبة﴾ أي شكاً ونفاقاً ﴿في قلوبهم﴾ كما أن بيوت الأصنام كذلك لأهلها، فكان ذلك حثاً على إخرابه ومحوه وقطع أثره. والمعنى أنه جامع لهم على الريبة في كل زمان يمكن أن يكون ﴿إلا أن﴾ ولما كان القطع محصلاً للمقصود من غير نظر إلى قاطع معين، قال بانياً للمفعول: ﴿تقطع قلوبهم﴾ أي إلا زمان يوجد فيه القطع البليغ الكثير لقلوبهم وعزائمهم ويباعد بينهم ويفرق شملهم بإخراجه، وقراءة يعقوب ب «إلى» الجارة واضحة في المراد، أو يكون المراد أنه لايزال حاملاً لهم على التصميم على النفاق إلى أن يموتوا، فهو كناية عن عدم توبتهم.
ولما كان التقدير: فالله عليم بما أخبركم به فلا تشكوا فيه، عطف عليه تعميماً للحكم وتعظيماً للأمر قوله: ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة بكل شيء ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم بكل معلوم ﴿حكيم*﴾ فهو يتقن ما يأمر به.
ولما تقدم الإنكار على المتثاقلين عن النفر في سبيل الله في قوله تعالى ﴿ما لكم إذا قيل لكم انفروا﴾ [التوبة: ٣٨] ثم الجزم بالأمر بالجهاد بالنفس والمال في قوله ﴿انفروا خفافاً وثقالاً﴾ [التوبة: ٤١] وكان أمره تعالى كافياً للمؤمن الذي صدق إيمانه بالإسلام في امتثاله لذلك في منشطه ومكرهه، وكان كثير منهم قد فعلوا بتثاقلهم ما يقدح في