ب ﴿ثم﴾ إشارة إلى عظيم رتبتها وعلى منزلتها وإن كان المراد بها الدوام عليها فجليل رتبته غير خفي، وفي التعبير عن العمل بالفضل إشارة إلى أنه لم يقع التكليف إلا بما في الوسع مع أنه من معالي الأخلاق، لأن الفضل في الأصل ما فضل عن الإنسان وتعانيه من كريم الشمائل، وما كان كذلك فهو في الذروة من الإحكام، لأنه منع الفعل من الفساد؛ والحكيم من الحكمة وهي العلم بما يجمع عليه مما يمنع الفعل من الفساد والنقض، وبها يميز الحسن من القبيح والفاسد من الصحيح، وقد أشارت الآية إلى أن الاستغفار والتوبة سبب السعة
﴿ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم﴾ [المائدة: ٦٦] وأن الإعراض سبب الضيق، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ إشارة إلى ثواب الآخرة، فالتوبة سبب طيب العيش في الدنيا والآخرة.
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير في كتابه في مناسبة هذه السورة للتي قبلها. ولما كانت سورة يونس عليه السلام قد تضمنت - من آي التنبيه والتحريك للفطر ومن العظات والتخويف والتهديد والترهيب