فقد وضح طريقك وفاز بالفلاح حزبك وفريقك ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ [هود: ١١٣] فقد عرفتم سبيلهم ومصيرهم فقد بان طريق الحق، وكيف ينكب من جزم سلوكه من الخلق! ونظيره قوله سبحانه ﴿وجاءك في هذه الحق﴾ [هود: ١٢٠] عقب ما ذكر سبحانه ﴿لمن الملك اليوم﴾ [غافر: ١٦] وقوله: ﴿يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله﴾ [الانفطار: ١٩] فتأمل ذلك والله المستعان - انتهى.
ولما خوف المنذرون باليوم الكبير كانوا كأنهم قالوا: ما هذا اليوم؟ فكان الجواب: يوم يرجعون إليه، ولما كانوا ربما حملوا الرجوع على مجرد الموت والصيرورة تراباً، نبههم على أنه بغير المعنى الذي يتوهمه بل بمعنى إعادتهم كما كانوا فقال: ﴿إلى الله﴾ أي الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً وحده ﴿مرجعكم﴾ أي رجوعكم ووقته ومكانه لأجل الحساب لا إلى التراب ولا غيره، وهو بكل شيء عليم، ومنه بدؤكم لأخذ الزاد للمعاد، وجعل فاصلة الآية حكماً على المراد فقال: ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿على كل شيء﴾ أي ممكن ﴿قدير*﴾ أي بالغ القدرة لأنهم يقرون بقدرته على أشياء هي أعظم من الإعادة، فهو قادر على الإعادة كما قدر على البداءة، فالآية من الاحتباك: ذكر المرجع أولاً دليلاً على المبدأ ثانياً، وتمام القدرة ثانياً دليلاً على تمام العلم أولاً لأنهما متلازمان.
ولما تقدم من التخويف والإطماع ما هو مظنة لإقبالهم ورهبهم