﴿وما﴾ وأغرق في العموم بقوله: ﴿من دآبة﴾ ودل على أن الانتفاع بالأموال مخصوص بأهل العالم السفلي بقوله: ﴿في الأرض﴾ أي صغرت أو كبرت ﴿إلا على الله﴾ أي الملك الأعلى الذي، له الإحاطة وحده لا على غيره ﴿رزقها﴾ أي قوتها وما تنتفع وتعيش به بمقتضى ما أوجبه على نفسه، تحقيقاً لوصوله وحملاً على التوكل فيه، لأن الإفصال على كل نفس بما لا تعيش إلا به ولا يلائمها إلا هو مدة حياتها أدق مما مضى في العلم مع تضمنه لتمام القدرة، والآية مع ذلك ناظرة إلى ترغيب آية ﴿وأن استغفروا ربكم﴾ فالمراد: أخلصوا العبادة له ولا تفتروا عن عبادته للاشتغال بالرزق فإنه ضمنه لكم وهو عالم بكل نفس فلا تخشوا من أنه ينسى أحداً، وقال: ﴿وفي الأرض﴾ ليعم ما يمشي على وجهها وما في أطباقها من الديدان ونحوها مما لا يعلمه إلا هو، لقد شاهدت داخل حصاة من شاطىء بحر قبرس شديدة الصلابة كأنها العقيق الأبيض دودة عندها ما تأكل، وأخبرني الفاضل عز الدين محمد بن أحمد التكروري الكتبي أنه شاهد غير مرة في دواخل حجارة تقطع من جبل مصر الدود عنده ما يأكل من الحشيش الأخضر وما يشرب من الماء؛ ونبه بقوله: ﴿ويعلم مستقرها﴾ أي مكانها الذي تستقر فيه ﴿ومستودعها﴾ أي موضعها الذي تودع فيه قبل الاستقرار من صلب أو رحم أو بيضة او بعده من قبر أو فلاة أو غير ذلك على ما يحيط به علمه من تفاصيل