والمولد والزمن وفيكم من يزيد عليَّ بالكتابة والقراءة ومخالطة العلماء والتعلم من الحكماء ونظم الشعر واصطناع الخطب والنثر وتكلف الأمثال وكل ما يكسب الشرف والفخر ﴿بعشر سور﴾ أي قطع، كل قطعة منها تحيط بمعنى تام يستدل فيها عليه ﴿مثله﴾ أي تكون العشر مثل جميع القرآن في طوله وفي مثل احتوائه على أساليب البلاغة وأفانين العذوبة والمتانة والفحولة والرشاقة حال كونها ﴿مفتريات﴾ أي أنكم قد عجزتم عن الإتيان بسورة أي قطعة واحدة آية أو آيات من مثله فيما هو عليه من البلاغة والإخبار بالمغيبات والحكم والأحكام والوعد والوعيد والأمثال وادعيتم مكابرة أنه مفترى فارغ عن الحكم فأتوا بعشر مثله في مجرد البلاغة غير ملزمين بحقائق المعاني وصحة المباني - ذكره البغوي عن المبرد، وقد مضى في البقرة عند ﴿فأتوا بسورة من مثله﴾ عن الجاحظ وغيره ما يؤيده؛ قال أبو حيان: وشأن من يريد تعجيز شخص أن يطالبه أولاً بأن يفعل أمثالاً مما يفعل هو، ثم إذا تبين عجزه قال: افعل مثلاً واحداً - انتهى. فكأنهم تحدوا أولاً بجميع القرآن في مثل قوله: ﴿فليأتوا بحديث مثله﴾ [الطور: ٣٤] أي في التحتم والتطبيق على الوقائع وما يحدث ويتجدد شيئاً في إثر شيء ثم قطع بعد عجزهم بدوام عجزهم في قوله تعالى: ﴿قل لو اجتمعت الإنس والجن﴾ [الإسراء: ٨٨] تبكيتاً لهم وإخزاء وبعثاً على ذلك وإغراء، ثم تحدوا


الصفحة التالية
Icon