مرغباً مرهباً: ﴿فهل أنتم مسلمون*﴾ أي منقادون أتم انقياد.
ولما كان في هذا من الحث على الثبات على الإسلام والدخول فيه والوعيد على التقاعس عنه ما من حق السامع أن يبادر إليه، وكان حق المسلم الإعراض عن الدنيا لسوء عاقبتها، وكان أعظم الموانع للمشركين من التصديق اسستيلاء أحوال الدنيا عليهم، ولذلك تعنتوا بالكنز، أشار إلى عواقب ذلك بقوله: ﴿من كان يريد﴾ أي بقصده وأعماله من الإحسان إلى الناس وغيره ﴿الحياة الدنيا﴾ أي ورضي بها مع دناءتها من الآخرة على علوها وشرفها ﴿وزينتها﴾ فأخلد إليها لحضورها ونسي ما يوجب الإعراض عنها من فنائها وكدرها ﴿نوف﴾ موصلين ﴿إليهم أعمالهم﴾ أي جزاءها ﴿فيها﴾ أي الدنيا بالجاه والمال ونحو ذلك ﴿وهم فيها﴾ أي في الأعمال أو الدنيا ﴿لا يبخسون*﴾ أي لا ينقص شيء من جزائهم فيها، وأما أبدانهم وأرواحهم وأديانهم فكلها بخس في الدارين معاً، وفي الجملتين بيان سبب حبس العذاب عنهم في مدة إمهالهم مع سوء أعمالهم.
ولما بين حالهم في الدنيا، بين حالهم في الأخرى مشيراً بأداة البعد إلى أنهم أهل البعد واللعنة والطرد في قوله نتيجة لما قبله: ﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿الذين ليس لهم﴾ أي شيء من الأشياء ﴿في الآخرة إلا النار﴾ أي لسوء أعمالهم واستيفائهم جزاءها في الدنيا ﴿وحبط﴾ أي بطل وفسد ﴿ما صنعوا فيها﴾


الصفحة التالية
Icon