أو الموعد ﴿الحق﴾ أي الكامل، وزاد في الترغيب فيه بقوله: ﴿من ربك﴾ أي المحسن إليك بانزاله عليك.
ولما كان كونه حقاً سبباً يعلق الأمل بإيمان كل من سمعه، قال: ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي الذين هم في حيز الاضطراب ﴿لا يؤمنون﴾ بأنه حق لا لكون الريب يتطرق إليه بل لما على قلوبهم من الرين ويؤولون إليه من العذاب المعد لهم ممن لا يبدل القول لديه ولا ينسب الظلم إليه، والقصد بهذا الاستفهام الحث على ما حث عليه الاستفهام في قوله ﴿فهل أنتم مسلمون﴾ من الإقبال على الدين الحق على وجه مبين لسخافة عقول الممترين وركاكة آرائهم.
ولما كان الكافرون قد كذبوا على الله بما أحدثوه من الدين من غير دليل وما نسبوا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الافتراء، أتبع ذلك سبحانه قوله: ﴿ومن أظلم﴾ أي لا أحد أظلم ﴿ممن افترى﴾ أي تعمد أن اختلق متكبراً ﴿على الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿كذباً﴾ الآية، وهو موضع ضمير لو أتى به لقيل: لا يؤمنون ظلماً منهم، ومن أظلم منهم أي هم أظلم الظالمين، فأتى بهذا الظاهر بياناً لما كفروا به لأنه إذا علق الحكم بالوصف دل على أنه علته.
ولما بين أنهم أظلم، أتبعه جزاءهم بقوله استئنافاً: ﴿أولئك﴾ المستحقو البعد؛ ولما كان نفس العرض مخوفاً، بنى للمجهول قوله:


الصفحة التالية
Icon