ولما هددهم بأمور الآخرة، أشار إلى بيان قدرته على ذلك في الدارين بقوله: ﴿أولئك﴾ أي البعداء عن حضرة الرحمة ﴿لم يكونوا﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿معجزين﴾ وأشار إلى عجزهم بأنهم لا يقدرون على بلوغ العالم العلوي بقوله: ﴿في الأرض﴾ أي ما كان الإعجاز - وهو الامتناع من مراد الله - لهم ولا هو في قدرتهم، لأن قدره على جميع الممكنات على حد سواء.
ولما نفى التعذر بأنفسهم، نفاه من جهة غيرهم فقال: ﴿وما كان لهم﴾ ولما كانت الرتب التي هي دون عظمته سبحانه متكاثرة جداً، بين أنهم معزولون عن كل منها بإثبات الجار فقال: ﴿من دون الله﴾ أي الملك الأعظم، وأغرق في النفي بقوله: ﴿من أوليآء﴾ أي يفعلون معهم ما يفعل القريب من تولي المصالح والحماية من المصائب، ومن لم يقدر على الامتناع وهو حي لم يمتنع بعد موته فكأنه قيل: ماذا يفعل بهم؟ فقيل: ﴿يضاعف﴾ أي يفعل فيه فعل من يناظر آخر في الزيادة، وبناه للمفعول لأن المرجع وجود المضاعفة مطلقاً ﴿لهم العذاب﴾ أي بما كانوا يضاعفون المعاصي؛ ثم علل سبب المضاعفة بأنه خلق لهم سمعاً وبصراً فضيعوهما بتصامّهم عن الحق وتعاميهم عنه، فكأن لا فرق بينهم وبين فاقدهما فقال: ﴿ما كانوا﴾ أي بما لهم من فساد الجبلات


الصفحة التالية
Icon