على أحسن وجه: ﴿وضل عنهم ما كانوا﴾ أي كوناً جبلوا عليه فصاروا لا ينفكون عنه ﴿يفترون﴾ أي يتعمدون كذبه مما ادعوا كونهم آلهة، ولا شك أن من خسر نفسه ومن خسرها من أجله بادعاء أنه شريك لخالقه ونحو ذلك كان أخسر الناس، فلذلك قال: ﴿لا جرم﴾ أي لا شك ﴿أنهم﴾ أي هؤلاء الذي بالغوا في إنكار الآخرة ﴿في الآخرة﴾ ولما كان المقام جديراً بالمبالغة في وصفهم بالخسارة، أعاد الضمير فقال: ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿الأخسرون﴾ أي الأكثرون خسراناً من كل من يمكن وصفه بالخسران؛ والإعجاز: الامتناع من المراد بما لا يمكن معه إيقاعه؛ والمضاعفة: الزيادة على المقدار بمثله أو أكثر؛ والاستطاعة: قوة ينطاع بها الجوارح للفعل؛ وأما «لا جرم» فقد اضطرب علماء العربية في تفسيرها، قال الرضي في شرح الحاجبية والبرهان السفاقسي في إعرابه ما حاصله: والغالب بعد ﴿لا جرم﴾ الفتح، أي في ﴿أن﴾، ف ﴿لا﴾ إما رد الكلام السابق - على ما هو مذهب الخليل - أو زائدة كما في ﴿لا أقسم﴾ لأن في جرم معنى القسم، وهي فعل ماض عند سيبويه والخليل مركبة مع «لا»، وجعلها سيبويه فعلاً بمعنى حق، ف «أن» «فاعله»، وقيل: «جرم» بمعنى حق، وهو اسم لا و «أنهم» خبره؛ وقال الكسائي معناها: لا صد ولا منع؛ وعن الزجاج أنها غير مركبة، ولا نفي لما قيل من أن لهم أصناماً تنفعهم، وجرم - فعل ماض بمعنى كسب وفاعله


الصفحة التالية
Icon