قيل: حق وثبت أنهم كذا وانتفى كل ما يضاده، فهذا وجه كونها صلة مؤكدة، وقريب من ذلك ما قيل في «إنما» نحو إنما زيد قائم، أي أن زيداً قائم، ما هو إلاّ كذلك، فقد بان أن النافي مثل ذلك مؤكد - والله الموفق.
ولما توعد الكافرين وأخبر عن مآلهم بسببه، كان موضع أن يسأل عن حال المؤمنين فقال: ﴿إن الذين آمنوا﴾ أي أوجدوا هذه الحقيقة ﴿وعملوا الصالحات﴾ ولما كان الحاصل ما مضى من وصف الكافرين بعد مطلق الأعمال السيئة الإعراض عن ربهم والنفرة عن المحسن إليهم جلافة وغلظة، وصف المؤمنين بالإقبال عليه والطمأنينة إليه فقال: ﴿وأخبتوا﴾ أي خشعوا متوجهين منقطعين ﴿إلى ربهم﴾ أي المحسن إليهم فشكروه فوفقهم لاستطاعة السمع والأبصار.
ولما ذكر وصفهم ذكر جزاءهم عليه بقوله: ﴿أولئك﴾ أي العالو الرتبة ﴿أصحاب الجنة﴾ ولما كانوا مختصين بها أول أو بالخلود من أول الأمر، أعاد الضمير فقال: ﴿هم فيها﴾ أي خاصة لا في غيرها ﴿خالدون﴾.
ولما استوفى أوصاف الحزبين وجزاءهم، ضرب للكل مثلاً بقوله: ﴿مثل الفريقين﴾ أي الكافرين والمؤمنين، وهو من باب اللف


الصفحة التالية
Icon