كما تقدم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: ﴿إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود: ٢] إرشاداً إلى ما سيقت له القصة من تقرير معنى ﴿إنما أنت نذير﴾ [هود: ١٢] ولذلك صرح بالألم بخلاف الأعراف، وكذا ما أمر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول هذه من عذاب يوم كبير، وهما متقاربان؛ ثم ساق سبحانه جواب قومه على وجه هو في غاية التسلية والمناسبة للسياق بقوله: ﴿فقال﴾ أي فتسبب عن هذا النصح العظيم أن قال؛ ولما كان هذا بعد أن تبعه بعضهم قال: ﴿الملأ﴾ وبين أن الجدال مع الضلال بعد أن بين أنهم هم الأشراف زيادة في التسلية بقوله: ﴿الذين كفروا﴾ وبين أنهم اقارب أعزة بقوله: ﴿من قومه﴾ أي الذين هم في غاية القوة لما يريدون محاولة القيام به ﴿ما نراك﴾ أي شيئاً من الأشياء ﴿إلا بشراً﴾ اي آدمياً ﴿مثلنا﴾ أي في مطلق البشرية، لست بملك تصلح لما لا تصلح له من الرسالة، وهذا قول البراهمة، وهو منع نبوة البشر على الإطلاق، وهو قول من يحسد على فضل الله ويعمى عن جلي حكمته فيمنع أن يكون النبي بشراً ويجعل الإله حجراً.
ولما كانت العظمة عندهم منحصرة في عظمة الأتباع قالوا: ﴿وما نراك﴾ ولما انفوا الرؤية عنه فتشوف السامع إلى ما يقع عليه من المعاني، بينوا أن مرادهم رؤية من اتبعه فقالوا: ﴿اتبعك﴾ أي


الصفحة التالية
Icon