أن استدامة الركوب ركوب إشارة إلى شرعة امتلاء الأرض من الماء وصيرورته فيها أمثال الجبال عقب ركوبهم السفينة من غير كبير تراخ، قالوا: وكان أول ما ركب معه الذرة، وآخر ما ركب معه الحمار، وتعلق إبليس بذنبه فلم يستطع الدخول حتى قال له نوح عليه السلام: ادخل ولو كان الشيطان معك - كذا قالوا، وقيل: إنه منع الحية والعقرب وقال: إنكما سبب الضر، فقالا: احملنا ولك أن لا نضر أحداً ذكرك، فمن قال ﴿سلام على نوح في العالمين * إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين﴾ [الصافات: ٧٩-٨٠] لم تضراه. ولما كان ابتداء الحال في تفجر الأرض كلها عيوناً وانهمار السماء انهماراً - مرشداً إلى أن الحال سيصير إلى ما أخبر الله به من كون الموج كالجبال لا ينجي منه إلا السبب الذي أقامه سبحانه، تلا ذلك بأمر ابن نوح فقال عاطفاً على قوله ﴿وقال اركبوا﴾ ﴿ونادى نوح ابنه﴾ أي كنعان وهو لصلبه - نقله الرماني عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ﴿وكان﴾ أي الابن ﴿في معزل﴾ أي عن أبيه في مكانه وفي دينه لأنه كان كافراً، وبين أن ذلك المعزل كان على بعض البعد بقوله: ﴿يا بني﴾ صغَّره تحنناً وتعطفاً ﴿اركب﴾ كائناً ﴿معنا﴾ أي في السفينة لتكون من الناجين ﴿ولا تكن﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿مع الكافرين*﴾ أي في دين ولا مكان إشارة إلى أن حرص الرسل عليهم السلام


الصفحة التالية
Icon